حان حرماني وناداني النذيرْ | ما الذي أعدّدْتُ لي قبل المسيرْ |
زمني ضاع وما أنصفتني | زاديَ الأولُ كالزاد الأخيرْ |
ريّ عمري من أكاذيبِ المنى | وطعامي من عفافٍ وضميرْ |
وعلى كفِك قلبٌ ودمٌ | وعلى بابِك قيدٌ وأسيرْ! |
حانَ حرماني فدعني يا حبيبي | هذه الجنةُ ليستْ من نصيبي |
آه من دارِ نعيمٍ كلما | جئتها أجتازُ جسراً من لهيبِ |
وأنا إلفك في ظل الصِّبا | والشباب الغضِّ والعمرِ القشيبِ |
أنزلُ الربوةَ ضيفاً عابراً | ثم أمضي عنك كالطيرِ الغريبِ |
لِمَ يا هاجرُ أصبحتَ رحيما | والحنانُ الجمُّ والرقةُ فيما؟! |
لِم تسقينيَ من شهدِ الرضا | وتلاقيني عطوفاً وكريما |
كلُّ شيء صار مرّاً في فمي | بعدما أصبحتُ بالدنيا عليما |
آه من يأخذُ عمري كلَّه | ويعيدْ الطفلَ والجهلَ القديما! |
هل رأى الحبُّ سكارى مثلنا؟! | كم بنينا من خيالٍ حولنا! |
ومشينا في طريق مقمرٍ | تثبُ الفرحةُ فيه قبلنا! |
وتطلعنا إلى أنجمه | فتهاوين وأصبحنَ لنا! |
وضحكنا ضحك طفلينِ معاً | وعدونا فسبقنا ظلنا! |
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق | وأفقنا. ليتَ أنا لا نفيقْ! |
يقظةٌ طاحت بأحلامِ الكَرَى | وتولّى الليلُ، واللَّيْلُ صَدِيقْ |
وإذا النُّورُ نَذِيرٌ طَالعٌ | وإِذا الفجرُ مُطِلٌّ كالحَرِيقْ |
وإذا الدُّنيا كما نعرفُها | وإذَا الأحْبَابُ كلٌّ في طَريق |
هاتِ أسعدْني وَدَعْني أسْعدُكْ | قَدْ دَنا بعدَ التَّنائي موردُكْ |
فأذقنيه فإِني ذاهِبٌ | لا غدي يُرجَى ولا يُرجَى غدُكْ |
وا بلائي من لياليَّ التي | قرَّبَتْ حَيْني وراحَتْ تبعِدُكْ! |
لا تَدَعْني للَّيالي فغداً | تجْرَحُ الفُرْقةُ ما تأسو يَدُكْ! |
أزف البينُ وقد حان الذّهابْ | هذه اللَّحظةُ قُدَّت مِن عَذَابْ |
أزف البينُ، وهل كان النَّوى | يا حبيبي غير أن أغْلق بابْ ؟! |
مَضتِ الشّمْشُ فأمسيتُ وقد | أغلقت دونيَ أبوابُ السَّحابْ |
وتلفَّتُّ على آثارِهَا | أسْألُ اللَّيْلَ! ومَنْ لي بالجوابْ؟! |