وراء السراب
وكنتَ.. وكنتُ.. وكانَ الهوى على غفوة من رصيد القدرْ
وكنت أنا عنك في غفلة إخالك من بعض هذا البشر
ولم أكُ بعدُ سوى غرة وإن كنت جاوزت حد الصغر
وأحسست في خافقي هزةً تلاشى كياني بها وانحسر
وألفيتني غير تلك التي... وأنكرت أمسي كأن قد غبر
وتهت أنا في ضباب السنين وغامت رؤى وتجلَّت صور
وأنكرتَني وأنا لم أزل على الدرب أبحث لي عن أثر
ودربي عليَّ سبيل سويّ سويّ به الصعب والمنحدر..
وقلت لعينيَّ ثم انثنيتَ تكاتمني بعض ما قد ظهر
وقلت لعينيكَ ثم انطويتُ على السر أدفنه في حذر
ومسَّت يداك يدي للوداع ومرت ليال وجاءت أُخَر
وعزَّ علينا اللقا فانثنيت ولا أمل ثَمّ أو مصطبر
وخبَّ بنا الركْبُ ركْبُ الزمان يباعد ثم يُعَفِّي الأثر
وما زال يسعى بها سعيه أما آن أن يرعوي أو يقرّْ..?
وكنتَ.. وكنتُ.. وكانَ اللقاء على غفلةٍ من رقيب القدر
وقلت لقلبي فكان الجواب تُتَمْتِمُهُ خلجات النظر
ومست يداك يدي للبقاء على العهد ما امتد فينا العمر
وأقسم قلبي يمين الولاء وآلى على نفسه أن يبر
وكنتَ وكنتُ.. وكانَ الفداء لقلبكَ قلبي وضاع العمر
وعشْتُ على الوهم... دنيا هراء وَخُلَّبَ بَرْقٍ وطيفًا يَمُر
أَقولُ عسى ولعلَّ الرجاء يُطالعني عَبْرَ هذي الصُّوَر
وما زِلْتُ الهث أَقْفو السراب ولـمّا يَلُحْ نبعي المنْتَظَر...!